مبحث في الناسخ والمنسوخ


 

مبحث في الناسخ والمنسوخ


أولا: معنى النسخ

أولا: معنى النسخ (في اللغة والاصطلاح) :
يأتى النسخ في كلام العرب على ثلاثة أوجه: الاول أن يكون مأخوذا من قول العرب: نسخت الكتاب، اذا نقلت
ما فيه الى كتاب آخر، فهذا لم يغير المنسوخ منه انما صار نظيرا له، أى نسخة ثانية منه.
وهذا النسخ لا يدخل في النسخ الذى هو موضوع بحثنا.
والثانى أن يكون مأخوذا من قول العرب: نسخت الشمس الظل، اذا أزالته وحلت محله، وهذا المعنى هو الذى يدخل في موضوع ناسخ القرآن ومنسوخه.
والثالث أن يكون ماخوذا من قول العرب: نسخت الريح الاثار، اذا أزالتها فلم يبق منها عوض ولا حلت الريح محل الاثار.
هذا هو معنى السنخ في اللغة.
أما النسخ في الاصطلاح فهو رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر.
فالحكم المرفوع بسمى (المنسوخ) ، والدليل الرافع يسمى (الناسخ) ويسمى الرفع (النسخ) .
فعملية النسخ على هذا تقتضى منسوخا وهو الحكم الذى كان مقررا سابقا، وتقتضى ناسخا، وهو الدليل اللاحق.

ثانيا: أين يقع النسخ :

لا يقع النسخ الا في الامر والنهى ولو بلفظ الخبر، أما الخبر الذى ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ومنه الوعد والوعيد.
وأجاز بعضهم وقوع النسخ في الخبر المحض، وسمى الاستثناء والتخصيص نسخا، والفقهاء على خلافه.

ثالثا: الفرق بين النسخ والبداء

ثالثا: الفرق بين النسخ والبداء: البداء (بفتح الباء) في اللغة: الظهور بعد الخفاء، يقال: بدا لى بداء، أى ظهر لى آخر، وبدا له في الامر بداء، أى نشأ له فيه رأى، ويقال: بدا لى بداء، أى تغير رأيى على ما كان عليه.
فالبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم، وذلك على الله عز وجل غير جائز.
فمعنى البداء اذن في اللغة والاصطلاح هو: أن يستصوب المرء رأيا ثم
ينشأ له رأى جديد لم يكن معلوما له.
فالنسخ غير البداء لان الاول ليس فيه تغيير لعلم الله تعالى، والثانى يفترض وقوع هذا التغيير.
والبداء يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم، وكلاهما محال على الله عزوجل، لانه عالم بكل شئ ومحيط به: ما كان، وما هو كائن، وما سيكون.
والنسخ جائز عقلا، وواقع فعلا في القرآن الكريم .

رابعا: الفرق بين النسخ والتخصيص

رابعا: الفرق بين النسخ والتخصيص: هناك تشابه بين النسخ والتخصيص، فالنسخ يفيد تخصيص الحكم ببعض الازمان، لذا سمى بعض العلماء النسخ تخصيصا، وأدخل بعضهم صورا من التخصيص في باب النسخ، ومن هنا جاء الخلاف في عدد المنسوخ.
أما الفرق بينهما: فالنسخ لايقع في الاخبار، والتخصيص يكون في الاخبار وغيرها.
فالنسخ مقصور على الكتاب والسنة، أما التخصيص
فيكون بهما وبغيرهما كالحس والعقل.
وتراعى في التخصيص قرينة سابقة أو لاحقة أو مقارنة، أما النسخ فلا يقع الا بدليل متراخ عن المنسوخ.
_________________
[قتادة بن دعامة السدوسي، الناسخ والمنسوخ لقتادة، صفحة 5]

إرسال تعليق

0 تعليقات