من شروط جواز الفطر في السفر تحقق السفر وقصد الفطر 

سائل يسأل: ما سبب تحديد الخروج قبل الفجر للإفطار عندالمالكية؟ وإذا أراد المسافرالرجوع وأراد أن يصوم؛ هل لابد له من الخروج في سفره قبل الفجر أم لا؟

الجواب:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. 

وبعد؛ فإن من شروط جواز الفطر في السفر عند المالكية أمرين: 

الأول : تحقق السفر المباح الذي يصح فيه قصر الصلاة

وهو المحدد في 80 كيلو مترا تقريبا؛ فلا يجوز الفطر إذا قصد السفر فقط بالليل ثم لم يسافر إلا بعد طلوع الشمس مثلا، ولا السفر من أجل ارتكاب الحرام كالزنا والرشوة، ولا السفر دون المسافة المحدد شرعا لقصر الصلاة. 

الثاني : تبييث الفطر بالليل قبل الفجر بأن يقصده وينويه

فلو نوى الصيام بالليل ثم سافر نهارا وجب عليه إتمام الصوم: لأنه بنية الصوم شرع في عمل يحرم إبطاله لقول الله تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم}، ولأن الحكم لا يترتب على قصد العلة؛ بل على تحقق وجودها. 

ولهذا لا يكفي قصد السفر وهو العلة هنا حتى يتحقق فعلا، وإن تأكد من أنه سيسافر لا يجوز له الفطر عند المالكية إلا بعد تحقق الأمرين معا: السفر فعلا، ونية الفطر ليلا.

أما ما روى البخاري عنِ ابن عبَّاس رضي الله عنْهما: «أنَّ النَّبيﷺ خرج من المدينة ومعه عشَرة آلاف، وذلك على رأْسِ ثَمانِ سنين ونصفٍ من مَقْدَمه المدينة، فسار بِمن معهُ من المسلمين إلى مكَّة يصومُ ويصومون، حتَّى إذا بلغ الكديد - وهو ماءٌ بين عسفان وقديد- أفطَرَ وأفطَروا، وإنَّما يُؤْخَذ من أمْرِ رسول اللهﷺ بالآخِر فالآخِر»(1)، فقال فيه القاضي عياض: إنما أفطر لما أُخبر بحال الناس ومشقتهم(2).

بدليل رواية مسلم عن حابر رضي الله عنه: «أن رَسُول اللهﷺ خرج إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح فصَام حَتَّى بلغ كرَاع الغميم، فَقيل لَهُ: إِن النَّاس قد شقّ عَلَيْهِم الصّيام، وإنما ينظرون فيما فعلتَ، فدعا بقَدَح من ماء بعد العصر، فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة»(3).

والله أعلم. 

(1) صحيح البخاري: كتاب المغازي: باب غزوة الفتح في رمضان: (5/ 146): رقم (4276).

(2) شرح الزرقاني على الموطأ (2/ 248) 

(3) صحيح مسلم: كتاب الصيام: باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية: (2/785): رقم (90 - 1114).

عبد الله بنطاهر

 بتاريخ: 19 رمضان 1438هـ 14 / 6 / 2017.